فاطمة،و رحلة البحث عن ضرة

Gemälde von Mersedeh Jamzadeh, Foto: Hareth Almukdad

 

 

اسمحوا لي بأن احكي لكم حكاية امرإة تدعى فاطمة، فعلى الرغم من أنها تعيش معنا بنفس هذا الزمن وعلى نفس الموكب، ولكن ظروف حياتها تشبه ماعاشه الناس قبل ألف عام أو أكثر.
يبدأ يومها باكراً جداً مع ساعات الفجر الأولى، تنهض من فراش متهالك لتبدأ يومها بالأعمال المنزلية المعتادة، من تنظيف وتحضير للطعام واهتمام بالأولاد، وما أن تشرق الشمس حتى تنطلق إلى عملها تاركة خلفها أطفالها الصغار وزوج نائم، وتضطر مرات كثيرة الى اصطحاب طفلها الرضيع معها إلى حيث تعمل بالزراعة ضمن ظروف عمل أقل ما يقال عنها من زمن العبودية، حيث تعمل حتى ساعات الليل المتأخر لتعود أدرجها الى المنزل، تجر جسدها الهزيل المتعب تحمل الحطب والماء وبعض الطعام معها لتجد أطفالها يتضورون جوعاً بانتظارها وزوجها على ما تركته عليه، أو تصادفه يجلس في المقهى المجاورة لمنزلهم، يلعب الضمنة والسيجا مع رجال الحي الآخرين، فيأخذ منها كل ما جنته من مال طول اليوم لينفقه على المقاهي.
وتمر الأيام على فاطمة ويزداد البؤس وتكبر الأحمال وتزداد معها ظروف المعيشة الصعبة بسبب الجفاف وقساوة المناخ، حيث تصل الحرارة أحياناً الى خمسين درجة مئوية، فتتخذ قراراها الأصعب ” سأبحث لزوجي عن زوجة ثانية ” على الأقل تعينيي على أعمال المنزل وترعى أطفالي في غيابي، ولعلها حتى تعمل معي في الرعي والزراعة فيزداد مدخولنا الشهري.
تبدأ رحلة البحث هذه بصمت، إلى أن تصارح إحدى زميلات العمل فتجدها الأخرى تحمل نفس الفكرة وتتحفظ عليها، ويوماً بعد يوم تجد أن نساء القرية كلها يفكرن في نفس الاتجاه، ويبدأ سباق البحث عن “ضرة” بين النساء العاملات كلٌ منهن تحاول إرضاء زوجها بأي وسيلة كانت ويال الفرحة حين تحصل إحداهن على ضرة. فكانت فرحة فاطمة لا توصف حين أخبرتها إحدى الجارات بموافقة ابنتها أن تكون ضرة لها، وزفت البشرى إلى زوجها علها تنال رضاه، وهذا ماحصل وما إن التقطت أنفاسها وظنت أن الحياة ابتسمت لها، حتى بدأت موجة من الحروب الطاحنة، التي أجبرتها على الرحيل من قريتها الى مخيمات في عمق الصحراء، ولكنها آمنة نسبياً لها ولأطفالها، ولكن مليشيات الجنجويد التابعة لعمر البشير والتي كان يقودها نائب رئيس المجلس العسكري الحالي ” حميدتي ” لم تترك النساء والمشردين بحالهم فأجبرتهم على العمل بدون مقابل وزيادة على ذلك مئات حالات الاغتصاب والاستغلال الجنسي التي كانت تسمعها عنها في الأرجاء.
كل ما تحلم به فاطمة اليوم هو مكان يأويها مع أطفالها وظروف حياة جيدة في مجتمع لا تفرق بين رجل وامرأة وتقوم على مبدأ المساواة  الآن وبعد سقوط البشير، نأمل أن تنال المرأة في دارفور حقوقها وتنعم بالراحة والاستقرار ويتغير الحال للأفضل.. و أن تلفت إليها المنظمات الحقوقية والإقليمية وترد لها كرامتها

Tags from the story
More from DRK Berlin Steglitz-Zehlendorf

برلين في قبضة الوباء

يعيش العالم أجمع في ظلّ جائحة كورونا (كوفيد 19) علامات ترقّب وخوف،...
Read More