يصطدم الكثير من اللاجئين في دول لجوئهم بالكثير من المعوقات التي تتنوع لتطال تفاصيل حياتهم اليومية. بين التشبث بأسلوب الحياة الذي ساد في مجتمعاتهم، وأسلوب الحياة الجديدة، هذا التعارض يُلقي في طريقة عيشهم الجديدة العراقيل والتخبط، وهو نتيجة للتنازع الذي يسود في نفوسهم ليشكّل جدراناً بينهم والمجتمع الجديد الذي قدموا إليه. ينقسم أسلوب الحياة للاجئين في دول الشتات لمظهرين واضحين بدون إلغاء المظاهر الهامشية والتي لاتُحصى أولها: التجمع في كانتونات تضمّ جنسياتهم والحياة بأسلوب يماثل عاداتهم السابقة في البلدان التي أتوا منها والشواهد كثيرة في المدن الأوروبية. وثانيها : التعايش مع مجتمعات وأفراد الدول المستقبلة لهم فتمتزج حياتهم وأسلوب تفكيرهم ومعيشتهم في المجتمع ليصبحوا متماهين فيها، وبالتالي أكثر تفاعلاً وأُلفة وأيضاً الشواهد كثيرة لأفراد نجحوا ويسلط عليهم الضوء كمثال للعيش المشترك والفاعلية في المجتمع.
إن الاضطرار لحياة اللجوء فيها الكثير من الاغراق في فكرة مؤداها أن ما يفعله اللاجئ في مجتمع اللجوء هو الارغام، فلا خيار في اتباعه أنظمة وعادات وقوانين المجتمع الجديد. تبرز الهوة في فكرة أن لاخيار في التنازل والقبول بأسلوب الحياة الجديدة ونمطها وهو ما يعدّ قصوراً في استيعاب حقوق الفرد في المجتمع الجديد. تكفل القوانين والدستور خاصةً حرية الفرد وكرامته التي تكمن في الاختيار في المجتمعات المتحضرة، وهو لا ينفي ضوابط أهمها اعتبار حرية الآخرين وخياراتهم بما يؤمّن سلامة العلاقات في المجتمع. تبرز هنا فكرة وأسلوب التقبّل والتعايش مع الأفراد الآخرين في المجتمع والذي هو أساس لا يمكن التخلّي عنه لضمان السلم الاجتماعي، الذي هو ركن أساسي في وجوده.
إن منفعة التعايش والتقبّل المتبادل تعدّ مبدأً أخلاقياً، لايمكن أن يوجد مجتمع بعلاقاته السليمة بدونها. وهي نتاج نضال وكفاح شعوب ومجتمعات عانت كثيراً للوصول إليه، وتكريس مبدأه.
قد تشمل وجهة النظر هذه أفراداً ومجتمعات من غير اللاجئين، وهي تعد صعوبات تطال الجميع أحياناً فيكون التقبّل عبر بناء جسور التفاهم والتعايش والذي لا يمكن أن يقوم إلا على مبدأ أخلاقي راسخ يسوده التسامح.
إن الوصول الى التسامح مع الذات، في تقبًلها للآخرين والإيمان أنه خياراً اجتماعياً لبناء فرد ومجتمع يسوده التعايش مع الآخرين بطمأنينة وسلام، هو غاية وحاجة ضرورية تحمل مقداراً كبيراً من الشجاعة للمضي الى الأمام.
حين قدمت لألمانيا، اندهشت لبساطة الأمور في البداية، وكذلك لتفهّم الناس هنا لوضعي كلاجئ هارب من الحرب. ثم لاتلبث الأمور الحياتية البسيطة حتى تتحوّل إلى التعقيد. لم يسعفني الوقت في الاستيعاب المباشر لما يريده أي شخص ألماني أو يتحدث به معي سواء في المواصلات العامة العادية وحتى في المعاملات لدى الدوائر الرسمية وغير الرسمية فاتسع حد من سوء الفهم بسبب واللغة وأسلوب الحياة والتفكير نشأ عندي هاجس عدم الأمان الناتج عن قصر استيعاب وفهم محيطي من الناس الذين أتعامل معهم. كان الحل يقتضي البساطة وبالتأكيد مقدار من الجرأة للاتجاه الى الناس ومحاولة الفهم عن طريق بناء صداقات معهم بمبادرة التحية.ليست صداقة بمعنى الكلمة وانما نوع من التواصل. بعض الناس لم يفهمني لأن لغتي ضعيفة ولكن الأكثرية كانوا متفهمين تماما لما أريد. أعتقد أن حياتي تسير على مايرام لأنني فقدت الاهتمام بالصعوبات أو بالأحرى لم أعد أستغرق وقتا طويلاً بالتفكير بها والاتجاه إلى الهدف غالبا يتطلب هذا شجاعة من نوع ما للإصرار على الحياة بين الناس وتجاوز مقدار الإساءات بتجاهلها لأنها ليست مقياس للعلاقات الاجتماعية والمصالحة مع الذات أولاً بالايمان بأن المجتمع متنوع ويتواجد فيه أنواع وأنماط مختلفة من السلوكيات البشرية|